تناولها بكميات اكثر من المطلوب قد يصيب بالتسمم
د. خالد بن عبدالله المنيع
الفيتامينات هي مواد عضوية أساسية لحياة الإنسان ولسلامة صحته، ولكن الجسم لا يستطيع أن يصنعها لنفسه ولهذا فلا بد من تزويده بها عن طريق الغذاء ويمكن اللجوء إلى تزويده بها بالعقاقير المحتوية عليها عندما يكون الغذاء مفتقراً أو للعلاج من الأمراض الناتجة عن نقصها. وتشتهر الفيتامينات برموز خاصة أعطيت لها منذ أن اكتشفت لأول مرة في سنة 2191، ولكن بعد أن تمكن الباحثون من عزل بعضها عن بعض وعرفوا تركيبها الكيميائي أصبحت تسمياتها الصحيحة هي التسميات المبنية على هذا التركيب، ومع ذلك فمازالت الحروف التي اشتهرت بها هي الأكثر استخداماً حتى الآن.
ولا تعتبر الفيتامينات مواد غذائية بمعنى الكلمة، إذ أنها لا تعطي للجسم أي طاقة أو سعرات حرارية، ومع ذلك فإن وجودها أساسي لتنظيم عمليات التمثيل الغذائي وتنقسم الفيتامينات من حيث قابليتها للذوبان إلى نوعين هما:
1الفيتامينات التى تذوب في الدهون وتشمل الفيتامينات أ (A) ود (D) وى (E) و ك (K) وهي تختزن في دهون الجسم، ولهذا فإن تناولها بمقادير أكثر من المطلوب يمكن أن يؤدي إلى أضرار صحية خطيرة مثل التسمم.
2الفيتامينات التي تذوب في الماء وتشمل فيتامينات المجموعة ب (B)، وفيتامين ج (C) وهي لا تختزن في الجسم بل تخرج باستمرار مع البول والعرق ولهذا فمن الواجب أن تكون متضمنة في الغذاء اليومي.
فيتامين أ (A):
يوجد هذا الفيتامين بصورتين هما، فيتامين أ 1وفيتامين أ2، والأول منها هو الأكثر شيوعاً، ويطلق عليه علمياً اسم "ريتينول Retinol" وهو ضروري لتنظيم كثير من العمليات الفسيولوجية في الجسم، ولسلامة العينين، فهو يساعد على نمو خلايا الجلد والأغشية المخاطية المبطنة لبعض الأعضاء مثل الأنف والقصبة الهوائية، ولهذا فإن نقصه يؤدي إلى إضعاف هذه الخلايا والأغشية وتعريض الأعضاء المبطنة بها للعدوى أو الاحتقان، ومثال ذلك احتقان الجيوب الأنفية والحنجرة والقصبة الهوائية، وغير ذلك من الأعراض الناشئة عن الإصابة بالبرد، كما يؤدي هذا النقص أيضاً إلى الإصابة بالعشى (أو العمى الليل)، وببعض الأمراض الجلدية.
وأهم مصادر فيتامين "أ" هي الكبد (لأنه يختزن فيه) وخصوصاً كبد الأسماك، الذي يستخرج منه زيت السمك الذي يعتبر من أهم المستحضرات الطبية التى تعطى للأطفال لتزويدهم بهذا الفيتامين، حيث ان نقصه عندهم يكون أخطر من نقصه عند البالغين.
ومن بين مصادر هذا الفيتامين أيضاً الألبان ومنتجاتها، والبيض ولكن بنسبة محدودة،كما تعتبر المادة الملونة في النباتات وفي الفواكه والمعروفة بالكاروتين مصدراً مهما لهذا الفيتامين، وكلما زادت المادة الملونة في الفاكهة والخضروات كالجزر كان هذا دليلاً على غناها بالكاروتين، الذي يوجد كذلك في بعض الحبوب، وفي قليل من الزيوت النباتية، وخصوصاً في زيت النخيل الأحمر الذي يحتوي على نسبة عالية منه، كما يحتوى زيت الذرة الصفراء على نسبة صغيرة منه. وفي بعض البلاد يفرض القانون تقوية بدائل الزبد وتتباين نسبة الريتينول في الزبد على حسب وفرة الكاروتين في النباتات والمراعي التى تتغدى عليها الماشية.
فيتامين "ب" (B):
توجد من هذا الفيتامين عدة أنواع من أهمها الفيتامين (ب1) والنياسين والريبوفلافين و ب21، ويدخل معظمها في تركيب فيتامين ب المركب B.Complex. ولكل منها خصائص ووظائف معينة.
الثيامين (ب1). ترجع أهمية هذا الفيتامين إلى أنه يساعد الجسم على الاستفادة بالبروتينات والمواد الكربوهيدراتية، كما أنه ضروري للمحافظة على الأعصاب، وأهم مصادره هي الحبوب وخصوصاً القمح غير المنخول والأرز غير المضروب والخميرة والكبد والفول السوداني واللبن.
ويلاحظ أن وجود الثيامين في الحبوب يكون مركزاً في القشرة وتحتها مباشرة ولهذا فإنه يضيع في عمليات نخل دقيق القمح وعمليات ضرب الأرز لتبيضه.
ويؤدي نقص هذا الفيتامين إلى الإصابة بمرض "البري بري" وحدوث بعض الاضطرابات العصبية والنفسية وفقدان الشهية، وهو يذوب في الماء اثناء عملية الطهي، كما أنه لا يختزن بالجسم، ولهذا فلا بد من توفره في الغذاء أولاً بأول. وفي بعض الدول التى يعتمد سكانها اعتماداً رئيسياً على الخبز الأبيض أو الأرز المضروب ضرباً شديداً يفرض القانون تدعيم الدقيق وحبوب الأرز بهذا الفيتامين.
فيتامين ب 21السيانو كوبالامين: هذا الفيتامين ضروري لتكوين كرات الدم الحمراء. ويؤدي نقصه في الجسم إلى الإصابة بالأنيميا. وهو لا يوجد في المواد الغذائية النباتية، ولكنه يوجد بنسب عالية في المواد البروتينية الحيوانية. وخصوصاً الكبد الذي يعتبر أهم مصادره، كما يعتبر اللبن والبيض كذلك من مصادره المهمة.
النياسين (حمض النيكوتنك): ويؤدي نقصه في الجسم إلى الإصابة بمرض البلاجرا. وهو أساسي لعلاج هذا المرض وللوقاية منه. وهو يوجد في عدد كبير من المواد الغذائية النباتية والحيوانية، ولكنه يوجد في أغلبها بكميات ضئيلة. وأهم مصداره هي اللحوم، وخصوصاً الكبد، كما أنه موجود في معظم الحبوب إلا أن عمليات تبييض الأرز وإزالة النخالة من الدقيق تؤدي إلى ضياعه.
الريبوفلافين: هذا الفيتامين هو نفس الفيتامين الذي يطلق عليه أحياناً اسم فيتامين ب2، ولكن التسمية الأخيرة لا تستخدم حالياً في الابحاث العلمية. والريبوفلافين عبارة عن مادة مائلة للاصفرار لها دور هام في عمليات الأكسدة التى تحدث في خلايا كل أجهزة الجسم وهو يساعد في عمليات التمثيل الغذائي، وفي حماية الجلد والأغشية المخاطية. ومع ذلك فإن نقصه لا يؤدي إلى الاصابة بأمراض خطيرة، ولكنه يساعد على زيادة حدة بعض الأمراض الناتجة عن سوء التغذية مثل البرى برى والبلاجرا والاسقربوط، كما يؤدي إلى حدوث بعض الالتهابات في زاويتي الفم، وحدوث تورم وتشقق في اللسان، واحمرار واحتقان في قرنية العين. وهذه كلها أعراض شائعة وخصوصاً عند الأطفال في الأقاليم المدارية بسبب نقص الغذاء وفقره في الريبوفلافين.
ويوجد هذا الفيتامين في معظم المواد الغذائية، وأهم مصادره هي الخميرة واللحوم والبيض والسمك. كما أنه يوجد في اللبن ولكن ينسب متباينة على حسب نوع الغذاء الذي تتناوله الحيوانات.
فيتامين ب6: هذا الفيتامين ضروري لسلامة الأعصاب والجلد وتركيب الدم. ويؤدي نقصه إلى حدوث تشنجات في الجسم وخمول في التفكير، كما يؤدي نقصه الى الإصابة بالأنيميا.
حمض الفوليك:
هو أحد مركبات فيتامين ب، وقد أخذ اسمه من اللفظ اللاتيني، ومعناها ورقة، حيث انه موجود في أوراق الخضروات. وهو من العناصر الضرورية لسلامة أجهزة الهضم والأعصاب، ولهذا فإن نقصه عن المعدل المطلوب في الجسم يؤدي إلى الإصابة بالأنيميا وإلى حدوث اكتئاب نفسي، وقد ثبت بالفعل أنه يصلح لمعالجة هاتين الحالتين.
وأهم مصادر هذا الحمض هي الخضروات الخضراء وخصوصا السبانخ والخس والبقدونس والكرنب والقنبيط، كما أنه موجود في البنجر والبرتقال والشمام، وفي الكبد، والخميرة، والخيز الأسمر. مع ملاحظة أن الطهي يؤدي إلى زواله، ولهذا فكلما كانت الخضروات والفواكه غير مطهية كان ذلك أفضل لضمان الحصول على المقادير المطلوبة.
فيتامين ج (C) الحامض الاسكوربي:
هذا الفيتامين مهم جداً لبناء جدران الأوعية والشعيرات الدموية المنتشرة في أنسجة الجسم وبحت الجلد. وفي حالة نقصه فإن جدران الأوعية والشعيرات الدموية تضعف فتتسرب من خلالها بعض كرات الدم الحمراء إلى الأنسجة المحاورة لها فتمتلىء بها الفراغات الموجودة في هذه الأنسجة، وقد يؤدى هذا إلى إدماء اللثة التي تضعف وتلتهب، وإلى حدوث نزيف دموي من بعض أجزاء الجلد، كما تحدث بعض الآلام في المفاصل وغير ذلك من أعراض مرض "الاسقربوط"، وهو أهم الأمراض التي تنتج من نقص هذا الفيتامين.
ويوجد فيتامين ج بمقادير متباينة في أغلب المواد الغذائية إلا أن أهم مصادره هي الفاكهة، وخصوصاً البرتقال والليمون وغيرهما من الموالح، والخضروات بمختلف أنواع - كما يحتى الألبان واللحوم والبيض على مقادير صغيرة منه. ويمكن للجسم أن يحصل على كل حاجته من هذا الفيتامين من الغذاء العادي المكون من بعض هذه المواد، ولكن يلاحظ أن التخزين والطهي يؤديان إلى ضياع معظمه. ولهذا فإن الفواكه والخضروات الطازجة وغير المطهية هي أصلح المواد لتزويد الجسم به.
فيتامين د 3(D3) الكوليكالسيفيرول:
يتكون هذا الفيتامين من مجموعة من الفيتامينات المرتبطة ببعضها، وهو يسمى أحيانا بفيتامين أشعة الشمس لأن الأشعة الشمسية فوق البنفسجية هي التي تساعد على تكوينه في الجلد. وهو الفيتامين الوحيد الذي يستطيع الجسم أن يكونه لنفسه إذا ما توفرت له أشعة الشمس.
وهو ضروري لنمو العظام في مرحلة الطفولة حيث أنه يساعد الجسم على امتصاص الكالسيوم والفوسفور اللازمين لهذا النمو. وفي حالة نقصه عن الحد المطلوب بسبب عدم تعرض الطفل لأشعة الشمس فإنه يتعرض للإصابة بمرض لين العظام.